Wednesday, 3 November 2010

العناوين

فتح ... الى اين

شعر / نزار قباني

الشهيد ابو حسن قاسم

فنيات التعامل مع الضغوط النفسية / الجزء الثاني

قواعد المسلكية الثورية في المجال الجماهيري / الجزءالثاني

صحافة صهيونية / حرب ياردة في اسرائيل

صحافة فلسطينية / التاريخ حين يخون نفسه

نضال الفتحاوي / دون كيشوت

فتح ديمومة الثورة

والعاصفة شعلة الكفاح المسلح

فتـــح الى اين


تأملنا كثيرا في ثنايا استراتيجية التفاوض عندما اعلنت رئاسة السلطة الوطنية الفلسطينية ومن خلفها مركزية فتح وتنفيذية ( م. ت. ف ) موقفا بدا حازما ونافذا بالاعلان اكثر من مرة عن وقفها للتفاوض مع حكومة العدو ما لم يكن هناك وقفا كاملا لكافة الانشطة الاستيطانية

بل وتأملنا اكثر عندما تم التلميح بأمكانية حل السلطة الوطنية في حال استمرار الانشطة الاستيطانية والعودة الى اطار منظمة التحرير والمجلس الوطني وادارة الصراع انطلاقا من الثوابت الفلسطينية ذات الاجماع الفلسطيني وعلى هدى الميثاق الوطني واعادة تصويب البوصلة .

الامر الذي رأى فيه الكل الفلسطيني عودا على بدء واعادة الامور الى نصابها في ادارة وخيارات الصراع ولكن هذا الامل سرعان ما بدأ يتراجع مع التعنت الصهيوني والاعلان الفلسطيني بألقاء العهدة الى الحاضرة العربية التي فاجأتنا بدورها بسياسة المهل الشهرية والعشرية والقمرية كي لا نقول الابدية الامر الذي نال

اولا : تصفيقا حارا للجهد العربي من قبل الولايات المتحدة الراعي احادي الجانب .

ثانيا : افراطا في التعنت الصهيوني بوضع ملف يهودية الدولة على الطاولة قيد التنفيذ كشرط لتجميد مؤقت للانشطة الاستيطانية مقابل العودة الى التفاوض .

نحن هنا لسنا بصدد الحديث عن ماهية وابعاد قرار يهودية دولة الكيان الغاصب الذي اقرته حكومة العدو ورفعته الى الكنيست لتقنينه في اطار استرتيجية المشروع الصهيوني ... ، لا ولكننا بكل بساطة ووضوح نقول اننا قد نتفهم شرط يهودية ( دولة اسرائيل ) مقابل شرط اسلامية دولة فلسطين ولكننا لا نستطيع ان نهضم ولا بأي شكل او منطق ان يكون شرطا مقابل تجميد مؤقت للانشطة الاستيطانية لغاية الجلوس على مائدة التفاوض .

واكاد اسمع الكل الفلسطيني يتسائل اذا تم تمرير هذا الامر فما هو الشرط التالي او التنازل التالي الذي ستطرحه حكومة العدو مقابل اعادة تجميد مؤقت للاستيطان او ربما تقليص عدد الحواجز في الضفة او السماح بمرور بعض المعونات والهبات

وربما يتسائل البعض عن الثمن الذي سندفعه مقابل استمرار توريد وصرف رواتب العاملين في اجهزة ومؤسسات السلطة وكثيرا من المواطنيين.

كنا وما زلنا نؤمن بأن حركة فتح باعتبارها رائدة المشروع الوطني ومفجرة الثورة الفلسطينية واستحقاق الهوية الوطنية هي حاملة وحامية هذا المشروع على طريق النصر والتحرير وتقرير المصير بعزة وكرامة

وكنا ولا نزال نؤمن بأن استراتيجية الحركة المنطلقة من مبادئها والمستندة الى اساليبها هي الاستراتيجية الاصوب والاقدر على تحقيق الاهداف وعلى رأسها تقرير المصير

ولكن وبعد سنوات الضياع وبعد الدخول في متاهة التفاوض والركض الى ابواب المجتمع الدولي والسلام الامريكي وصولا الى ضبابية الرؤية التي جعلت من المفاوضات هدفا وليس احد وسائل الصراع اننا نسأل وبالصوت العالي :

اين فتح حركة التحرير الوطني الفلسطيني واين استراتيجيتها في التعامل مع الواقع الفلسطيني والعربي

اين فتح وقوات العاصفة من التعامل مع العدو الصهيوني ...

اين ابناء الفتح ... ابناء ياسر عرفات من كل هذا

الم يحن الوقت .. لنا جميعا ممن رضعنا من فوهات البنادق .. لنتحرك يدا واحدة .. لاعادة الامور الى مسارها الصحيح .. وللفظ كل الطفيليات التي علقت بجسد حركتنا

وانها لثورة حتى النصر

شعر نزار قباني

شعر / نزار قباني

لمْ يبقَ فيهِم لا أبو بكرٍ .. ولا عثمان
جميعُهُم هياكـلٌ عظمية في متحفِ الزمان
تساقطَ الفرسانُ عن سروجِهم .. واُعْـلِنتْ دويْلة الخِصيان
واعتُـقِل المؤذنونَ في بيوتهم
واُلْـغِيَ الأذان جميعُـهُم .. تضخَّـمت أثـدائُهم
.. وأصبحوا نسوان
جميعُهم يأتيهُمُ الحيْضُ ومشغولونَ بالحمل .. وبالرضاعهْ
جميعُهم قد ذبحوا خيولهم .. وارتهنوا سيوفهم
وقدّموا نساءَهم هدية لقائد الرومان
ما كان يدعى ببلاد الشام يوما .. صار في الجغرافيا... يدعى (يهودستان)

اللهْ ... يا زمان.

لم يبقَ في دفاترِ التاريخ .. لا سيفٌ ولا حِصان ..جميعُهم قد تركوا نِعالهم .. وهرّبوا أموالهم
وخلَّـفوا وراءهم أطفالهم .. وانسحبوا إلى مقاهي الموت والنسيان ..جميعهم تخـنَّـثوا تكحَّـلوا...تعطَّروا... تمايلوا أغصان خيْزران .. حتى تظنَّ خالداً ... سوزان .. ومريماً مروان

...جميعُهم موتى ... ولم يبقَ سوى لبنان .. يلبسُ في كلِّ صباحٍ كَـفـناً
ويُشْعِلُ الجنوبَ إصراراً وعُنفوان ..جميعُهم قد دخلوا جُحورَهم .. واستمتعوا بالمسكِ , والنساءِ , والرَّيْحان .. جميعُهم : مُدَجَّـنٌ , مُروَّضٌ , منافِـقٌ , مزْدَوجٌ .. جـبان

ووحدَه لبنان .. يَصْـفعُ أمريكا بلا هوادة .. ويُشعلُ المياهَ والشطآان .. في حينِ ألفُ حاكمٍ مؤمركٍ
يأخُذُها بالصّدرِ والأحضان .. هلْ ممكنٌ أن يَعْـقِـدَ الإنسانُ صُلحاً دائماً مع الهوان؟

اللهْ ... يا زمان ..

...هل تعرفونَ من أنا ؟! مُواطنٌ يسكُنُ في دولة ( قـَـمْـعِـسْـتان(

وهذهِ الدولة ليست نُكتة مصرية .. او صورة منقولة عن كُـتُبِ البَديعِ والبيان
فأرضُ (قـَمعـِستان) جاءَ ذكرُها .. في مُعجمِ البُلدان ...

وإنَّ منْ أهمِّ صادراتِها .. حَقائِباً جِلدية .. مصْنوعة من جسدِ الإنسان

اللهْ ... يا زمان ...

...هل تطلبونَ نُـبْذةً صغيرةً عن أرضِ (قـَمعـِستان( .. تِلكَ التي تمتدُّ من شمالِ أفريقيا .. إلى بلادِ نـَـفْـطِـستان .. تِلكِ التي تمتدُّ من شواطئِ القَهرِ إلى شواطئِ القـتْلِ

إلى شواطئِ السَّحْلِ , إلى شواطئِ الأحزان ..وسـيـفُها يمتـدُّ بينَ مَدْخلِ الشِّـريانِ والشريان
مُلوكُها يُقـرْفِصونَ فوقَ رَقـَبَة الشُّعوبِ بالوِراثة .. ويَكْرهونَ الورقَ الأبيضَ , والمِـدادَ , والأقْـلامَ بالوراثة .. وأول البُـنودِ في دُسْـتورها: يَقـضي بِأنْ تُـلْغَى غريزَةُ الكلامِ في الإنسان

اللهْ ... يا زمان ...

...هل تعرفونَ من أنا ؟! مُواطنٌ يسكُنُ في دولةِ (قـَمْعـِسْـتان(

مُواطنٌ ... يَحْـلُمُ في يومٍ من الأيامِ أنْ يُصبِحَ في مرتبة الحيوان
مُواطنٌ يخافُ أنْ يَجْلسَ في المقهى .. لكي لا تـَطلـَعُ الدولة من غياهبِ الفنجان
مُواطنٌ أنا .. يَخافُ أنْ يقرَبَ زوجته .. قُبيلَ أن تُراقبَ المباحثُ المكان
مٌواطنٌ أنا .. من شعبِ قـَمْعـِسْـتان

أخافُ ان أدخلَ أيَّ مَسجـدٍ .. كي لا يُقـالَ أنّي رَجُـلٌ يُمارسُ الإيمان
كي لا يقولَ المُخبرُ السِّرِيُّ : أنّي كنتُ أتْـلو سورةَ الرحمن

...هلْ تعرفونَ الآنَ ما دولة ( قـَمْعـِسْـتان) ؟ تِلكَ التي ألَّـفَها .. لَحَّنَها ..
أخْرَجَها الشيطان .. هلْ تعرفونَ هذه الدُوَيْلـَة العجيبة ؟

حيثُ دخولُ المرْءِ للمِـرحاضِ يحتاجُ إلى قرار .. والشمسُ كي تـَطلـَعَ تحتاجُ إلى قرار
والديكُ كي يَصيحَ يحتاجُ الى قرار ..

ورغبةُ الزوجينِ في الإنجاب .. تحتاجُ إلى قرار
وشَعْـرُ منْ أحِـبُّها .. يَمْـنـَعُهُ الشرطيُّ أنْ يَطيرَ في الريح بلا قرار

ما أردأَ الأحوالَ في دولةِ ( قـَمعـِستان)
حيثُ الذكورُ نسخة من النساء .. حيثُ النساءُ نسخة من الذكور
حيثُ الترابُ يَكرهُ البُـذور.. وحيثُ كلُّ طائرٍ يخافُ من بقـيَّة الطيور
وصاحبُ القرارِ يحتاجُ الى قرار .. تلكَ هي الأحوالُ في دولة (قـَمعـِستان(

...يا أصدقائي : إنني مُواطنٌ يسكُنُ مدينة ليسَ بِها سُكّان
ليسَ لها شوارع .. ليسَ لها أرصفة .. ليسَ لها نوافذ .. ليسَ لها جدران
ليسَ بها جرائد .. غيرَ التي تـَطبعُها مطابعُ السلطان

عنوانُها ؟ أخافُ أن أبوحَ بالعنوان .. كلُّ الذي أعرفُهُ
أنَّ الذي يقودُ الحظّ إلى مدينتي .. يَرْحـَمُهُ الرحمن ...

...يا أصدقائي : ما هو الشعرُ إذا لم يُعلِـنِ العِصيان؟

وما هو الشعرُ إذا لم يُسقِطِ الطغاةَ ... والطغيان؟
وما هو الشعرُ إذا لم يُحْدِثِ الزلزالَ في الزمانِ والمكان؟
وما هو الشعرُ إذا لم يَخلـَعِ التَّاجَ الذي يَلبَسُـهُ كِسْرى انوشَرْوان؟

...مِنْ أجْلِ هذا اُعلنُ العِصْيان

باسمِ الملايينِ التي تجهلُ حتى الآنَ ما هو النهار

وما هو الفارقُ بينَ الغُصْنِ والعصفور وما هو الفارقُ بين الوردِ والمنثور
وما هو الفارقُ بين النَّهدِ والرُمَّانة وما هو الفارقُ بين البحْرِ والزَنْزانة
وما هو الفارقُ بين القمرِ الأخْضرِ والقُرُنْـفُلَة...

وبينَ حَـدِّ كَـلِمَةٍ شجاعة وبينَ خـدِّ المِـقـْصَلة ...

...مِنْ أجلِ هـذا اُعْلِـنُ العِصْيان

باسمِ الملايينِ التي تُسَاقُ نَحْـوَ الذبحِ كالقِـطْعان
باسمِ الذين انْـتُـزِعَـتْ أجْـفانُهُم واقـْـتُلِـعَـتْ أسْـنانُهُم
وَذُوِّبُـوا في حامضِ الكِبريتِ كالدِّيدان باسمِ الذينَ ما لهُمْ صوتٌ ...
ولا رأيٌ ...ولا لِـسان ...سَأعْلِـنُ العِصْيان ......مِنْ أجلِ هذا اُعْلِـنُ العِصْيان

باسمِ الجماهيرِ التي تَجلِسُ كالأبقار تحتَ الشَّاشةِ الصّغيرة
باسمِ الجماهيرِ التي يُسْقونَها الوَلاءَ بالمَلاعِقِ الكبيرة
باسمِ الجماهيرِ التي تُركـَبُ كالبعير .. مِنْ مَشْرقِ الشّمسِ إلى مَغْـرِبِها تُركـَبُ كالبعير

وما لها من الحُقُوقِ غيرَ حقِّ الماءِ والشّعير
وما لها من الطُّموحِ غيرَ أنْ تـَأخُـذَ للحلاّقِ زوجةَ الأمير
او إبنةَ الأمير ...او كلبة الأمير ...
باسمِ الجماهيرِ التي تضرَعُ للهِ لكي يُديمَ القائدَ العظيم .. وحُـزمة البرسيم

...يا أصدقاءَ الشـعرِ: إنِّي شجرُ النّارِ, وإنِّي كاهنُ الأشواق
والناطقُ الرسْمِيُّ عن خمسينَ مليوناً من العُشَّاق
على يدِي ينامُ أهـلُ الحُـبِّ والحنين
فمرةً أجعَـلُهُم حَـمائِماً ومرةً أجعَـلُهُم أشجارَ ياسـمين
يا اصدقائي ....إنَّني الجُرحُ الذي يَرفُضُ دوما سُـلْطَة السِّكِّين

...يا أصدقائي الرائعين: أنا الشِّفاهُ للذينَ ما لهمْ شِفاه
أنا العُيونُ للذينَ ما لهمْ عُيون .. أنا كتابُ البحرِ للذينَ ليسَ يقرأون
أنا الكتاباتُ التي يحفِـرُها الدَّمعُ على عنابرِ السُّجون

أنا كهذا العصرِ, يا حبيبتي أواجهُ الجُنونَ بالجُنون
وأكسِـرُ الأشْـياءَ في طُفـولةٍ وفي دمي , رائِحة الثورةِ والليمون ...
أنا كما عَرفْـتُـموني دائماً هِوايتي أن أكْسِرَ القانون
أنا كما عرفْـتُـموني دائماً أكونُ بالشِّعْـرِ ... وإلاّ .. لا أريدُ أنْ أكون

يا أصدقائي : أنتُمُ الشِّعْـرَ الحقيقيَّ ولا يُهـِمُّ أن يَضْحكَ ... أو يَعْـبِسَ ...
أو أنْ يَغْضبَ السلطان أنتُمْ سلاطيني ...
ومنكُمْ أسْـتمدُّ المَجْدَ , والـقُـوَّة , والسلطان ...قصائدي مَمْـنوعة ...
في المدنِ التي تنامُ فوقَ المِلحِ والحِجارة قصائدي مَمْـنوعة ...
لأنّها تَحمِلُ للإنسانِ عِطرَ الحُبِّ , والحَضارة قصائدي مرفوضة ...

لأنّها لكُلِّ بيتٍ تَحْمِلُ البِشارة يا أصدقائي:

إنَّني ما زِلتُ بانتظارِكم لـنُوقِـد الشَّـرارة

الشهيد أبو حسن قاسم

حياته

هو محمد محمد بحيص من قرية يطا قضاء الخليل انتسب الى قوات الثورة الفلسطينية في بدايات الانطلاقة وكان احد ابرز ضباط حركة فتح وقاتل في صفوف كتيبة الجرمق

*عمل مع الشهيد ابو جهاد في القطاع الغربي وكان هو ورفيق دربه حمدي من ابرز ومن انشط مساعدي ابو جهاد في القطاع الغربي

*خطط لعدة عمليات من ضمنها عملية الدبويا وخطط لعملية عطاف عليان

*كان ذو توجه اسلامي وشكل مع رفاق دربه هو والشهيد حمدي والشهيد مروان زلوم وغيرهم سرايا الجهاد الاسلامي التابعة لحركة فتح

*خطط لعملية التياسير التي قادها الشهيد مروان زلوم

* استطاع ان يخلق حالة ثورية ما زالت موجودة لليوم رغم استشهاده حيث مع انطلاقة انتفاضة الاقصى بعد استشهاده 12 عام اول من حمل لواء المقاومة هم رفاقه وتلاميذه امثال الشهيد مروان زلوم احد قيادات ومؤسسي كتائب الاقصى في الخليل والشهيد جهاد عمارين قائد ومؤسس كتائب الاقصى في غزة

فكره

لقد كان الشهيد ابو حسن يدرك تماما ان الثورة الفلسطينية التي اعطاها شبابه وعصارة فكره تحتاج الى تحشيد قوى كبرى مقابلة للكيان الصهيوني لانه كان يؤمن بان الثورة وحدها ليست كافية لمقاتلة هذا العدو وذلك بسبب اتساع الهوة في ميزان القوى العسكري والمادي بين الثورة والكيان الصهيوني فالكيان الصهيوني يجمع في داخله ومن وراءه قوة دولية هائلة

وكان يؤمن بان قضية فلسطين اكبر بكثير من امكانيات الشعب الفلسطيني فقد كان يؤمن باستمرارية الثورة كطريق يسهم في استنهاض الامة وتوحيدها ضد العدو الصهيوني وذلك بسبب ما تم ذكره من اتساع الهوة بين امكانيات الشعب والثورة وبين العدو الصهيوني وما تدعمه من قوى استعمارية .

لم يؤمن يوما بالتسوية السلمية ومن هنا عندما طرحت منظمة التحرير النقاط العشر في عام 1974 راى ابو حسن وعدد من اخوته فيه انقلابا على مبادئ حركة فتح ومنطلقاتها واهدافها واعلنو رفضهم له وشددو على ضرورة ان تبقى مهمة الثورة والشعب هي الكفاح المسلح ضد العدو الصهيوني بإعتباره طريقا يسهم في استنهاض الامة واحداث التغير المنشود منه لان ذلك وحده الذي يؤدي الى وقف الزحف الصهيوني ان لم يؤدي الى تحرير فلسطين

فقد اعتبروا اثارة موضوع سلطة فلسطينية بناءا على صلح مع ذلك الكيان الغاصب سيؤدي الى صراعات جانبية بين القوى الفلسطينية وتحقيق اهداف لا تساوي المسؤولية التاريخية التي القيت على الشعب الفلسطيني وقد اثبت الواقع بان رؤيته كانت صحيحة .

اما ابراز الشخصية الفلسطينية كما يفهمها ابو حسن واخوته فقد كان الهدف منه مواجهة العدو الصهيوني من خلال استخدامه عنوانا لعدالة القضية وكان حجم هذه الشخصية منظمة التحرير الفلسطينية في هذه الحالة بحجم القضية أي اكبر بكثير من أي دولة قطرية اما اذا اردنا البحث عن دويلة كيانية قطرية فسيبقى ذلك مسارا اخرا عن المسار الذي عبرت عنه حركة فتح في منطلقاتها او منظمة التحرير في ميثاقها.

استشهاده

في شباط 1988 كانت جزيرة قبرص تشهد حدثا فلسطينيا عالميا , عندما قررت منظمة التحرير الفلسطينية إعادة مائة مبعد عن الأرض المحتلة بواسطة السفينة "سول فرين " و التي قامت بشرائها لهذا الغرض و أطلق عليها اسم " سفينة العودة " , كما استأجرت منظمة التحرير طائرتين من نوع " جامبو " لنقل مئات المشاركين في هذا الحدث الإعلامي و اشتملت الوفود المشاركة على ثلاثمائة صحفي و مائتي ضيف و مائة مبعد من الأرض المحتلة و عشرات الأعضاء و الكوادر و المسئولين في منظمة التحرير الفلسطينية

و في هذه الأجواء من الإعدادت لرحيل الباخرة نحو " حيفا " و التهديدات الإسرائيلية بإحباط هذا العمل السلمي , كان " أبو حسن قاسم " و " حمدي سلطان " يغدران إلى قبرص , حيث كان في انتظارهما مروان الكيالي , وذلك في زيارة خاطفة للتحول بعدها إلى تونس أو بغداد

فتسلل بعض عملاء " الموساد " إلى السيارة الخضراء من نوع " جولف " و التي يمتلكها مروان . واستطاعوا تفخيخها بعبوة ناسفة مسيطر عليها لاسلكيا , و بقيت تحت المراقبة حتى استقلها القادة الثلاثة , " أبو حسن " و " حمدي " و " مروان " عند ظهر يوم الرابع عشر من شباط 1988 , فانفجرت و تحولت خلال ثوان إلى حطام , واستشهد القادة الثلاثة على الفور

فنيات التعامل مع الضغوط النفسية

الجزء الثاني

آليــات الــدفــاع (ميكــانزمــات الدفــاع )

أول من أدخل مفهوم آليات الدفاع أو الحيل الدفاعية هو فرويد، ويرى أن الناس يلجأون إليها لحماية أنفسهم وتساعدهم على معالجة الصراعات والإحباطات وهي أساليب عقلية لا شعورية تقوم بتشويه الخبرات وتزييف الأفكار والصراعات التي تمثل تهديداً. وهي تساعد الناس على خفض القلق حينما يواجهون معلومات تثير التهديد.

الكبــــت

عملية عقلية لاشعورية يلجأ إليها الفرد للتخلص من شعور بالقلق والضيق الذي يعانيه بسبب ورود عوامل متضاربة الأهداف في نفسه. وباستخدام هذا الميكانيزم فإن الإنسان يحرر نفسه ولو مؤقتاً من الضغوط المتسلطة عليه وتشكل عبئأً لا يطيقه، فيهرب من الموقف الضاغط بكبته ومحاولة تحييده على الأقل. لكي يحصل على توازنه النفسي، ورغم الاختلافات من فرد لآخر في إدراك الضغوط واستخدام هذا الميكانيزم..

إلا أنه ليس كل الناس يلجئون إلى الكبت عندما يتعرضون لموقف ضاغط، أو محاولة الهروب منه باللجوء إلى استخدام الآليات الدفاعية، فبعض الناس لهم قدرة المواجهة وتحمل الموقف... وإيجاد الحل المنسجم مع هذه الصراعات والضغوط الداخلية والخارجية، وهو أمر يتعلق بشخصية كل فرد وأسلوبه الشخصي المميز في مواجهة الإحباط أو الضغوط.

ويرى علماء النفس والصحة النفسية بأن الكبت الناجح هو الذي يؤدي إلى حل الصراع وتوازن المتطلبات والرغبات اللذين يحققان الصحة النفسية. أما الكبت الفاشل فهو الذي يؤدي إلى حالة الاختلال ثم المرض النفسي.

التعـــويــــض

حيلة دفاعية لاشعورية يلجأ إليها الإنسان حينما يبتغي سلوكاً يعوض فيه شعوراً بالنقص، وقد يكون هذا الشعور وهمياً أو حقيقياً. سواء كان جسمياً أو نفسياً أو مادياً. والتعويض محاولة لاشعورية تهدف للارتقاء إلى المستوى الذي وضعه الإنسان لنفسه، أو الذي فرض عليه من علاقته بالآخرين.

وقد يهدف الإنسان إلى تغطية الشعور بالنقص أو تحقيق مكاسب ذاتية مثل لفت الانتباه والعطف والاحترام أو إثارة الآخرين، أو ربما لكي يعزز موقعه في المجتمع الذي يعيش فيه.

التبـــريـــر

وهو إعطاء أسباب مقبولة اجتماعياً للسلوك بغرض إخفاء الحقيقة عن الذات، ويعد وسيلة دفاعية ترمي إلى محافظة الفرد على احترامه لنفسه وتجنبه للشعور بالإثم، وتعطيه الشعور بأن ما قام به قد جاء بناء على تفكير منطقي معقول، ويختلف التبرير عن الكذب، بأن الأول (التبرير) يكذب فيه الإنسان على نفسه، في حين يكون الثاني (الكذب) بأن يكذب الإنسان على الناس. وهذه الآلية الدفاعية تقدم أسباباً مقبولة اجتماعياً لما يصدر عن الإنسان من سلوك وهو يخفي وراءه حقيقة الذات.

التحـــويـــل

وهي آلية دفاعية تستخدم للدلالة على نقل نمط من السلوك، من عمل إلى آخر، بمعنى اكتساب خبرة معينة تؤدي إلى رفع مستوى الإنجاز للفرد في عمل مماثل أو إلى خفض مستواه إن كان العمل الجديد مغايراً للعمل الأصلي كل المغايرة. وفي التحليل النفسي يدل هذا الميكانيزم على موقف انفعالي معقد.

التكـــوين العكســــي

وهو إخفاء الدافع الحقيقي عن النفس إما بالقمع أو بكبته، ويساعد هذا الميكانيزم الفرد كثيراً في تجنب القلق والابتعاد عن مصادر الضغط فضلاً عن الابتعاد عن المواجهة الفعلية، فإنه قد يظهر سلوكاً لكنه يخفي السلوك الحقيقي، فإظهار سلوك المودة والمحبة المبالغ فيهما، قد يكون تكويناً عكسياً لحالة العدوان الكامن الذي يمتلكه الفرد في داخله،

وعادة يتشكل هذا المفهوم ضمن سمات الشخصية ومكوناتها.

النــكوص ( الأرتــداد )

وهو الارتداد أو التقهقر إلى مرحلة سابقة من مراحل العمر الممثلة في النمو النفسي. ويتميز بعدد من الظواهر النفسية المتمثلة في النشاط النفسي، ويكون النكوص عادة إلى المراحل السابقة، وهو ما يحدث دائماً لدى المرضى الذهانيين - مرضى العقل -.

إن النكوص كحيلة دفاعية تحقق للفرد ولو لفترة مهرباً من الضغوط المحيطة به وذلك بالرجوع إلى مرحلة سابقة تتمثل فيها السعادة والراحة النفسية، يلجأ إليها الإنسان للتخفيف عما يعانيه الآن من نكسات وانكسارات نفسية، فيتذكر ماضيه الملئ بالأمان والرخاء والرفاه الذي عاشه، ويذهب بتفكيره بعيداً إليه، وكأنه حلم مر سريعاً.

وقد أثبتت الدراسات النفسية بأن النكوص استجابة شائعة للإحباط.

التــوحــد ( التقمـــص )

عملية لاشعورية بعيدة المدى، نتائجها ثابتة، ويكتسب بها الشخص خصائص شخص آخر تربطه به روابط انفعاليه قوية. ويختلف التوحد عن المحاكاة أو التقليد، حيث يكون الأول (التوحد)عملية لاشعورية في حين الثاني (المحاكاة أو التقليد) عملية شعورية واعية.

أن الإنسان في هذا الميكانيزم اندفاعي يسعى لأن يجعل نفسه على صورة غيره، وهذا يتطلب ضماً غير واع لخصائص شخصية الآخر إلى نفسه. وتشمل هذه الخصائص السلوك والأفكار والانفعالات العاطفية. وأول محاولة يقوم بها الفرد للتوحد، تبدأ في الطفولة عندما يسعى إلى التوحد بشخصية أحد والديه.

إن عملية التوحد تخدم أغراضاً كثيرة وتعتبر وسيلة لتحقيق الرغبات التي لا يستطيعها الفرد نفسه. فيقتنع بتحقيقها في حياة الغير ويرضاها لنفسه كأنه قام بها. والكثير من مظاهر التوحد وتعلق الفرد بغيره، ما هي إلا حالات تدل على بعض نزعات العطف الاجتماعي والتحسس بمشاكل الآخرين التي ترد إلى توحد الفرد بغيره ومقدرته على أن يضع نفسه مكان الآخرين في ظروفهم. ويكثر استخدام هذه (الحيلة الدفاعية) لدى الشخصيات التي تتسم بالأنماط العقلية كالشخصية الفصامية أو البرانوية (هذاءات العظمة والاضطهاد) أو الشخصية المهووسة (الهوس). وهي أنماط من الشخصيات ليست مرضية وإنما نمط سلوكها وتكوينها الشخصي بهذا النوع.

إن هذا النمط من الشخصيات يرى نفسه في الآخر، كما أنه يرى الآخر في نفسه. وعندما تتزايد الضغوط الحياتية ولم تجد لها منفذاً للتصريف أو التحويل، فإنها ستؤدي إلى اضطرابات في العقل لدى هذه الفئة من البشر.

الخيـــال

وهو جزء مهم من الحياة العقلية للإنسان، ويصدر الخيال من العمليات العقلية المعرفية المتمثلة في الإدراك، التفكير، التذكر، الانتباه، النسيان... الخ وهو ينتمي إلى مجال التفكير حصراً. ففي الخيال يستطيع الفرد أن يتجنب الشد والضغط الواقع عليه من البيئة الخارجية، ويؤدي إلى تخفيض توتر بعض الدوافع من خلال تبديدها.

إن الخيال يخفف عن الإنسان الكثير من الضغوط الواقعة عليه، و أن الخيالات يمكن أن يصوغ بها العديد من(السيناريوهات) وهي تظل قابعة داخل عقل الإنسان وبها يجد العديد من الحلول إذا ما استخدمت استخداماً أمثل في الوصول إلى نتائج تحقق الراحة النفسية، ولكن تصبح حالة مرضية باستمرارها وتحويل الواقع إلى أحلام يقظة وأخاييل، فلذلك لا بد وأن تخضع إلى ضوابط ومحددات لعملها، لا سيما أنها مكون أساسي في حياة الإنسان طفلاً أو راشداً، سليماً كان أو مريضاً، مستيقظاً كان أو حالماً أثناء نومه.

وتخدم هذه العملية عمليات عقلية أخرى في إعانة الفرد على تحمل صراعاته النفسية والإبقاء عليها مقيدة بحيث لا تطغى على الوعي ولا تؤدي إلى انهيار التوازن النفسي الداخلي للفرد.

التســامي ( الإعــلاء )

آلية دفاعية يلجأ إليها الإنسان عندما تضيق عليه الأمور ويزداد التوتر بأعلى درجات الشدة، وهذه الحيلة الدفاعية من أهم الحيل وأفضلها، والأكثر انتشاراً، ويدل استخدامها على الصحة النفسية العالية. فبواسطتها يستطيع الإنسان أن يرتفع بالسلوك العدواني المكبوت إلى فعل آخر مقبول اجتماعياً وشخصياً، فمثلاً النتاجات الفكرية والأدبية والشعرية والفنية... ما هي إلا مظاهر لأفعال تم التسامي بها وإعلاءها من دوافع ورغبات داخلية مكبوتة في النفس إلى أعمال مقبولة وتجد الرضا من أفراد المجتمع.

ويمثل الدين أعلى درجة من الإعلاء والتسامي بالنسبة للإنسان في ظروف التوتر والضغوط الشديدة والأزمات، فحالة الوساوس والأفعال التسلطية المسيطرة على الإنسان، لا يمكن مواجهتها إلا بالتسامي من خلال التمسك بالدين الذي يعني بالنسبة لتلك الحالات الإعلاء الناجح، وهو يتيح الطريق للتخلص من أحاسيس ومشاعر الإثم من خلال أداء الصلاة والتكفير عن الذنوب بدلاً من الطقوس عديمة المعنى.

إن هذه الآلية (الحيلة) الدفاعية تخفف من شدة الصراعات والتوتر الداخلي لدى الإنسان من خلال تحويل تلك الأفكار والصراعات إلى مجالات مفيدة وسليمة ومقبولة اجتماعياً، كما أنها تمكن الفرد من الإبقاء على هذه الصراعات مكبوتة وبعيدة عن الوعي.

نتائج إستتراتيجيات التعامل

يتعرض الناس كلهم للضغوط بشكل أو بآخر ولكنهم لا يتعرضون جميعاً لمخاطرها بالدرجة نفسها، لأن تأثير الضغوط يختلف من فرد إلى آخر وإن التهديد ومستواه يختلفان أيضاً من فرد إلى آخر، لذا فإن استجابة الفرد إليها تختلف تبعاً لنمط الشخصية وتكوينه، ونوع البيئة والوسط الاجتماعي الذي يتحرك فيه، ويؤثر في تشكيل شخصيته ونموها وتحديد أسلوب التعامل مع الحدث أو الضغط، وكذلك الحيلة الدفاعية النفسية ومطالبة الشخصية في الرد لإحداث التوازن الداخلي.

فالناس يضطربون ليس بسبب الأشياء ولكن بسبب وجهات نظرهم التي يكونونها عن هذه الأشياء، وأسلوب معالجتها بغية التخفيف منها لكي لا تتحول إلى أعراض مرضية تقعد الفرد عن ممارسة حياته العامة. فإذا حصلت الموازنة الصحيحة بين المعنويات والماديات لم تتدهور حالة الفرد الصحية والنفسية والاجتماعية ولم يترد المجتمع، ويستطيع الفرد أن يخفف من تلك الهموم والضغوط. فأساليب التعامل والآليات الدفاعية تساعد الناس كثيراً على خفض القلق وخاصة عندما يواجهون الكثير من المشاكل والهموم، فاستخدام هذه الأساليب أو الآليات الدفاعية إنما هو مناورة مناسبة لتحقيق التوازن الداخلي للإنسان.

وقديماً قال (أبيكتموس- 135 ق.م): (لا يفزع الناس من الأشياء ذاتها، ولكن من الأفكار التي ينسجونها حولها)

فاختلاف الأشخاص ينتج - بالتأكيد - عنه اختلاف في رد الفعل الناتج عن الضغوط التي حدثت وذلك يقود إلى أسلوب التعامل مع هذه الضغوط ونوعيتها والطريقة التي يواجه بها كل فرد وبأسلوبه الخاص تلك الضغوط لحلها.

ومن الأمور المغرية التظاهر بأن مخاوفنا ومشاكلنا لا تصاحبنا على الدوام، والقيام بإغلاق أعيننا عنها ونحن نأمل أن تبتعد عنا المشاكل والضغوط وتتركنا في حالنا من تلقاء نفسها، غير أن المشكلة هي أنها لن تدعنا وشأننا في هدوء... إنها تحتاج إلى المعالجة والحل. وهذه المعالجة والحلول ما هي إلا مواجهة تتطلب اللجوء إلى أسلوب مناسب أو طريقة مناسبة للتخفيف من هذه المشاكل، لذا فأسلوب المعالجة للضغط هي محاولة يبذلها الفرد لإعادة اتزانه النفسي، والتكيف مع الأحداث التي أدرك تهديداتها الآنية والمستقبلية.

أما إذا عجز الإنسان عن المواجهة وتجنب التصدي للمشاكل أو إيجاد الوسائل والأساليب المناسبة لحلها، وفضل الإبقاء عليها بدون حل، فإنها ستزداد صعوبة وسوءاً، وبالتالي تصعب مواجهتها، وكلما كان تحديد المشكلة بأسرع ما يمكن، بات من الممكن حلها وإيجاد الوسيلة للتخفيف عنها على الأقل، حيث يعدل الإنسان طريقته إلى ما يراه مناسباً للحل.

لذلك فإن الإنسان السوي هو من استطاع بحنكته أن يستظل بالوعي دون الانزلاق في شقاء المرض لذا فإن تفريغ الهموم والمشاكل باستخدام أساليب التعامل معها يمنحنا دفعة قوية للمواجهة عندما نجد ما يلائم تلك المشاكل والضغوط، ويقول الإمام علي(عليه السلام) : ( اطرح عنك واردات الهموم بعزائم الصبر وحسن اليقين).

قواعد المسلكية الثورية في المجال الجماهيري

الجزء الثاني

لكي يكون الاعتماد على الجماهير حقيقيا وليس شكليا، فان اعضاء الحركة الثورية مطالبون بالعمل في صفوف الجماهير لرفع قدراتها وكفاءاتها السياسية والعسكرية، حتى تستطيع ان تسترشد في نضالها اليومي بالخط السياسي والخط التنظيمي والخط العسكري للحركة..

ان التنظيم الثوري لا يستطيع ان يستقطب كل افراد الشعب، ولذلك فانه يعمد الى انشاء التنظيمات الجماهيرية، التي تربط بين افرادها طبيعة المهنة أو السن أو النو ع، مما يجعل لها نضالات مطلبية مشتركة. والمنظمات الجماهيرية تشكل مدخلا للتعبئة السياسية والعسكرية لقطاعات واسعة من الشعب. فالعمال والطلاب والمعلمون.. والشبيبة والفلاحون.. الخ.. لا ينتظمون معا في مرحلة التحرر الوطني من اجل مطالب نقابية محضة، وانما من اجل مبادرات الجماهير الفعالة في كافة المجالات النضالية...

ان طبيعة المهمات التي يمكن للمنظمات الجماهيرية القيام بها هي من حيث النوع والكم، مهمات لا تستطيع الثورة ان تحققها بدونها. فالمنظمات الجماهيرية والمؤسسات الشعبية تشكل الركيزة والرابطة للحركات الثورية، الى جانب الركائز التنظيمية والعسكرية والادارية.


واعضاء الحركة الثورية في المنظمات الجماهيرية يتحملون العبء الاكبر في الثورة، حيث انهم يرفدون التنظيم والقوات والميليشيا والمكاتب الحركية بالطاقات والقدرات الخلاقة. وهم الذين يلتحمون بصورة اكثر فعالية مع كافة الجماهير، حيث انهم يعايشون الجماهير يوميا، وهم المطالبون بحل مشاكلهم وتحقيق مطالبهم، الى جانب انهم القيادة المحركة للجماهير، والتي تتحمل جزءاً كبيرا من مهمة التعبئة السياسية والتنظيمية والعسكرية للجماهير..

ان تعبئة الجماهير كقاعدة من قواعد السلوك الثوري، تفرض على اعضاء الحركة الثورية ان يعيشوا مع الجماهير ويعايشوها في كافة افراحها واتراحها، وان يبنوا بينهم وبين الجماهير جسرا من الثقة المطلقة، حتى يصبح افراد الشعب آذانا صاغية لهم، وبذلك تسهل مهمة التعبئة الجماهيرية ويصبح مردودها اكثر ايجابية وفاعلية.

4. الثقة بالجماهير:

ثقة هذه الطليعة في نفوس الجماهير، ولكن الجماهير، بحاستها المرهفة لا تعطي ثقتها هكذا لكل من اطلق شعارا أو رصاصة. فالجماهير تدرك ان طريق الخلاص لا يأتي الا عن طريقها... الا اذا قامت هي بتحرير نفسها بنفسها بمساعدة الطلائع، التي هي من بين صفوف الجماهير والتي تتميز بانها الاكثر وعيا والاكثر ايمانا بحتمية النصر والاكثر استعدادا للتضحية...

ان هذه الصفات في الطليعة هي اساس لكي تكتسب ثقة الجماهير. والطلائع بهذه الصفات، تعمق دائما ثقتها بالجماهير وبقدراتها على العطاء وبامكاناتها اللامتناهية، حيث ان الطلائع، التي تدرك انها بحرب الشعب، تصنع النصر، تثق بقدرة الشعب على التحرك، وعلى صناعة النصر.

ويصبح مفهوم السلاح في حربها ضد العدو هو الانسان... العنصر البشري القادر على التصدي لكل التفوقات التكنولوجية والمادية والتعبوية لاعدائه. ان فقدان الثقة بالجماهير وبقدراتها وبامكانياتها، تجعل الافراد في مواقع المسؤولية يشعرون بالعزلة وبالضعف وبعدم القدرة على الاستمرار وانجاز مهمات مرحلة التحرر الوطني. وهذا الشعور يدفع القادة الى الاستسلام لشروط العدو، والاكتفاء باقل منجزات.. والتحول الى اداة قمع للجماهير للمحافظة على مواقعهم.


ان اعداء الحركة الثورية يحاولون بشتى الاساليب نزع ثقة الجماهير من قيادتها، لكي تأخذ هذه القيادات موقفا مشابها من الجماهير، فتنعزل الطلائع عن الشعب. والاعداء باساليبهم المختلفة وشائعاتهم المغرضة وادعاءاتهم الكاذبة، انما يدركون، ان الثقة المتبادلة بين الشعب وطلائعه، هي ضمانة التحام لصفوف واستمرار الثورة..

ولذلك، فان مهمة تعميق الثقة المتبادلة بين الطلائع والجماهير، يجب ان تأخذ اهتماما خاصا من الطلائع، حيث ان عليهم ان يمنحوا الجماهير ثقتهم المطلقة بقدراتها وبامكاناتها، ليس بالالفاظ وانما بالممارسات، التي تتجسد بالعمل الحقيقي على تنظيم وتسليح هذه الجماهير وتكليفها بالمهمات النضالية المختلفة، حتى تتعمق في صفوف الجماهير ثقتها بنفسها وبقياداتها.


5.
حب الجماهير:


ان قانون المحبة الذي يربط بين اعضاء الحركة الواحدة يظل جزئي التأثير، حتى تتحول هذه المحبة في قلوب الاعضاء لبعضهم بعضا الى محبة شاملة للجماهير... فاعضاء الحركة الثورية، الذين يضحون بارواحهم في سبيل مصلحة الجماهير واهدافها وطموحاتها، لا يجوز لهم التواني عن تعميق روح المحبة بينهم وبين الجماهير، حتى يضمنوا محبة الجماهير لهم... وعطفها عليهم ودعمها لهم في معترك النضال الوعر.

فمحبة الجماهير قاعدة من قواعد السلوك الثوري، وليست لفظا في قصيدة أو جملة في خطاب.. انها تعبر عن ذاتها بالممارسة، التي تشعر الجماهير بها، ان اعضاء الحركة الطليعية يضعون بالممارسة جماهير شعبهم في قلوبهم...

فالعضو في الحركة الثورية حين تتعارض راحته مع راحة الجماهير يتنازل عن راحته في سبيل راحة الجماهير، وعندما يلعب مع الاطفال يجعلهم يشعرون بالعطف والحنان الابوي، الذي قد لا يجدونه عند آبائهم وامهاتهم.. والنساء والمسنين عندما يعاملهم عضو الحركة الثورية، يشعرون انهم مع اخ أو ابن يحرص على راحتهم ويغمرهم بالحب والاحترام والعطاء..

انه بالممارسة فقط تنمو المحبة في قلوب الثوار للجماهير، وفي قلوب الجماهير للثوار، ويتميز بذلك الثوار عن اعداء الجماهير، الذين يقتلون الاطفال ويغتصبون النساء ويسيئون للمسنين ويذلون الشعب باسره.

ان عضو الحركة، الذي يمارس فعلا على اساس قاعدة المحبة للجماهير تنقي ذاته من كل الامراض، التي تتعارض مع هذه القاعدة فالمحبة للجماهير تقتل الانانية. والغرور والتعالي... والتباهي والذاتية والفردية والعجرفة. وتزرع الى جانب محبة الجماهير الحقد على اعدائها الذين يسيئون لها، فيصبح المناضل جياشا بالحب للوطن والاهل والهدف.. متوقدا بالحقد على كل من تسول له نفسه الاساءة للوطن والاهل أو يقف عقبة في سبيل تحقيق الهدف...


ان حب الجماهير يتناسب طرديا مع كره العدو.. والاستعداد الدائم للنضال.. فكلما تعمقت محبة الجماهير كلما اصبحت دوافع التضحية اقوى.. والايمان بحتمية النصر أكبر والطريق الى النصر أوضح، وبالمحبة تتقوى الحركة الثورية وتلتحم ذاتها بالجماهير لتصنع الثورة.. والنصر.

6.
التعلم من الجماهير وتعليمها:


ان الفرد بخبراته الذاتية ومدى اطلاعه النظري مهما عظما، فانه يظل الى جانب الخبرات المكدسة للملايين من جماهير الشعب في حاجة الى التعلم. ولا يستطيع الفرد ان يتمثل حكمة الشعب ومنابع قدراته وابداعه، الا بالتعايش الدائم والدائب، وبالصلة التي لا تنفصم مع الجماهير.

فالتجارب الجماهيرية المكدسة والمبعثرة، والتي يستوعب منها افراد الشعب بدرجات متفاوتة عندما تصبح في متناول عضو الحركة الثورية، الذي يمتلك المنهج العلمي السليم في المعرفة، فانه يستطيع ان يستوعب ما تبعثر من هذه التجارب والافكار ومعطياتها، ويعيد ترتيبها وصياغتها، بحيث تصبح اكثر تماسكا ووضوحا عندما يقوم بتعليمها للجماهير..

ان التعلم من الجماهير وخبراتها، ونتائج ممارستها العفوية، تعطي المادة الخام للثائر ليصوغ منها الافكار ودليل العمل اليومي لممارسة الجماهير، مما يجعل نتائج هذه الممارسة اكثر فعالية وايجابية. ولكي يصل العضو الثوري الى درجة القدرة على تعليم الجماهير من نتائج افكارها وعقليتها وآرائها، وكيفية التعامل معها وتفهيمها بشكل عام.

ان هذا التفهم للجماهير لا يتم من خلال الاطلاع النظري على التقارير والاستمارات والاحصائيات، وانما من خلال التماس المباشر، حيث يستطيع الثائر ان يتحسس بذاته الصدق من الزيف. والحق من الضلال.. والتجربة الحقيقة من التجربة الزائفة.

ولكي يقوم الثائر بالانتقاء الفكري الذي يتناسب مع طموحات الجماهير من جهة، ومع خطوط الحركة الثورية من جهة اخرى، فان عليه ان يقوم بالنقاشات والحوارات الدائمة مع جموع من الجماهير، والاستماع الى مختلف الاراء حول القضايا المعنية، حتى تصبح القناعات متوافقة، وبذلك يكون العضو قد قام بعمليتي التعلم والتعليم في آن واحد.



ان مرحلة التحرر الوطني، التي تعتمد حرب الشعب كأسلوب اساسي لتحقيق النصر، تعتمد على قدرات الشعب الابداعية في مجال حربه ضد عدوه..

ان بعض القوانين العامة لحرب الشعب، هي التي يمكن ان لا تكون معروفة لدى الجماهير.. اما القوانين الخاصة لحرب الشعب، فان الطليعة تستنتجها وتتعلمها دائما من خلال الممارسات اليومية النضالية للجماهير، ومن ابداعها المستمر لخلق الوسائل المختلفة لقتال العدو، ضمن حدود منهجية حرب الشعب وهذا الابداع الذي يكرسه انطلاق مبادرات الجماهير في حربها ضد عدوها، يجعل قوانين الحرب الخاصة في حالة من التطور الدائم، والتي تستطيع الطلائع الثورية تعلمها أولاً، ثم تعليمها للجماهير ثانياً، ومن ثم رفع الكفاءة النضالية لكل فئات الشعب.

ان على عضو الحركة الثورية ان يكون دائما متحفزا للتعلم من الجماهير بقدر ما يكون مستعدا لتعليمها.. وهذه قاعدة للمسلكية الثورية تجعل العضو دائم الاستنفار للعطاء الثوري.

7.
الالتحام بالجماهير:


ان فعالية الطلائع الثورية تعتمد على مدى قدرتها على التلاحم مع الجماهير كحركة وكأفراد. لانه مهما كانت النظرية الثورية سليمة، فان حالة الانفصام بين حامليها ومنفذيها (الجماهير) تحولها الى حبر على ورق..

ولهذا فان أولى مهمات الطلائع الثورية بعد استنباطها الأولي للنظرية، هي تنمية التنظيم الثوري من اجل مزيد من الاحتكاك والتماس مع الجماهير الشعبية. وكلما ازدادت الانجازات الثورية، كلما توجب ان يزداد التلاحم بين الطليعة والجماهير..

ان بعض الافراد في الحركات الثورية ينظرون الى ذاتهم نظرة استعلاء على الجماهير، ولا يربطون مصيرهم ولا يرون ان مصير الجماهير مربوط بمصيرهم.
هذه العقلية الانفصالية لا يمكن لها ان تقود الجماهير الى النصر.

ولهذا فانه يجب ان تكرس المسلكية الثورية، التي تدفع باستمرار الى مزيد من التلاحم بين الطلائع الثورية والجماهير.. والتي تؤكد دائماً، مزيداً من التلاحم في مراحل الانتصارات ومراحل الانتكاسات، حتى تصبح الجماهير هي الثورة.. وهي التي تتحمل اعباء المسيرة بايجابياتها وسلبياتها، مما يجعل الطلائع قادرة على تقييم تجاربها والاستفادة من الاخطاء، وليس الهرب منها والقاء تبعتها على الجماهير.



ان الجماهير لا تلتحم بالحركة الثورية الا عن وعي، بان ما تهدف الحركة لتحقيقه، هو ما تهدف الجماهير اليه.. ان تطابق الطموح الحركي والجماهيري، هو الرباط الصلب، الذي يجعل الجماهير والطليعة ينظران الى الامور نظرة واحدة، ما دامت كل منها تشعر في قرارة نفسها ان الاهداف والتطلعات لكليهما واحدة.

وان هذه النظرة هي التي تعطي دفعا من القوة في نفوس الطليعة.. وفي نفوس الجماهير تحولها الى قدرة خارقة لا تقهر وتفجر فيها منابع الابداع الجماهيري المتدفق..

وان أي مسلكية تتنافى مع تأكيد التحام الحركة الثورية بالجماهير هي مسلكية منافية لقواعد السلوك الثوري، ويجب على الاعضاء نقدها ومحاربتها.