Wednesday, 3 November 2010

"نضال الفتحاوي


دون كيشوت

فارس همام ... جاب بلاد الطليان .. يدافع عن المظلومين وقضاياهم .. باذلا كل ما يستطيع لرفع الظلم الواقع عليهم .. محتملا في سبيل ذلك السخرية من الجميع ... الظالم والمظلوم !!

في صدره اخلاق الفارس النبيل .. وعلى لسانه كلمات الحق والعدل ،وضرورة نقاء العالم من المستغللين والجبابرة الفاسدين ..

وارادته صلبة.. وعزم وتصميم على تحقيق اهداف لا نقاش فيها ولا جدال ... فالصديق والعدو والمتفرج ، يعلم كل هذا عن دون كيشوت ، بل ان بعض المتفرجين والانتهازيين وركاب الباصات .. (اسف لم يكن يوجد في عهد دون كيشوت باصا بل حمير وخيول والمقصود ركاب الحمير من غير الفرسان ) ... جعلوا من صفاته وسيلتهم لكي يصبحوا فرسانا .. حتى لو اجمع الناس انهم من ركاب الحمير

فالرجل يستطيع بما حباه طبعه من صفات ، لفت نظر وتركيز الناس عن الحمير وراكبيها

هذا الدون كيشوت ، خاض كما تخبرنا القصة الكثير من المعارك والنزالات .. عدته سيف وحصان هزيل وخادما امينا يدافع عن سيده اكثر مما يفعل سيده .

ورغم نبل الاهداف والنية الصادقة بالانجاز ، فأن التاريخ يخبرنا ان جميع معاركه فشلت ، وان الانجاز الاكبر له ، قدرته على انكار الفشل وانكار عدمية وسائله

ويوم خيل اليه ان حسناء مظلومة قد استنجدت بفروسيته ! نسي انه في لحظة صفاء... قد استقال واعتزل الفروسية ، وقرر ان يكتب مذكراته لينتقد اخطاء الماضي وعيوب الاصدقاء والاعداء، وسوء طغيان الصلاحيات وفصلها ، وتخويل الصلاحيات

نسي كل هذا وامتطى حصانه الهزيل ورفع سيفه واندفع لأنقاذ الحسناء ... فخاض الصراع وعدمية الوسيلة... الا انه يتابع الطريق بكل تصميم ، فيراكم فشلا بعد فشل .. ويصبح ركاب الحمير فرسانا ينتقدونه .. فيصبحون ويصبح اقرب الى الحمير.

حصان دون كيشوت بعد الدراسة والتدقيق ، وجده سيده سبب كل متاعبه ؟! فقرر ان يستبدله بالحمير!! حيث ان الفارس هو الفارس ، ولا عبرة للحصان ..

اما الخادم الامين فقد ضاق دون كيشوت به وبمحاولاته انقاذه ، فأحاله الى التقاعد بحجة انه اصبح عجوزا وبطيء الحركة ، مما يعيق مناورات دون كيشوت ..

وهكذا جلس الحصان والخادم يرقبون دون كيشوت ومجموعة الحمير ... مضت الاعوام وكيشوت يخوض الصراع .. حتى كل ساعده وبح صوته ، واصبح من كثرة الاسفار كأبن بطوطة دون هدف او ديار؟؟

اما الحسناء فأصبحت شمطاء .. والعماليق طواحين هواء .. فلا الاعداء ظلوا اعداء ..ولا اصبحوا اصدقاء !! وخارت ركبتي كيشوت فأصبح اعجز من امتطاء الحصان ..فأقنع نفسه بالحمير والبغال ، والقى سيفه الى اعدائه بالامس ! ومن هم ليسوا اصدقاء اليوم .. ثم تلفت فلم يجد الا عجوزه وقضيتها العادلة ، وانفض الجمهور وراكبي الحمير وكل المصفقين .

على عاتقه انقاذ الحسناء ، فلم يجد سوى الاستجداء واختراع وسائل الالهاء ..من مؤتمر قمة عربي ، الى امم متحدة ، الى لجنة متابعة ، واخرى رباعية .. وكل من فيها يقنعه ان دون كيشوت العظيم : صاحب الرؤية والمشاريع ، ومحرج الاعداء والاصدقاء ، وصاحب القرار الذي بيده الحل وانقاذ الحسناء ، وكل ما يلزم ان يصبح صريخ الاغتصاب صوت غناء ، وقتل الرجال والاطفال مكافحة ارهاب ، والاسرى والمعتقلين وسنوات حياتهم خلف القضبان ، درسا واضحا لمن ينتقد دون كيشوت ، او وسائله في محاربة الاعداء ، والمطلوب منه ليس اكثر من الصبر لسنوات قصار، فأن امرا من هذا لا بد سهل ...

ان يموت دون كيشوت ، ويرث التركة حميره او مجموعة راكبي الحمير والبغال ، ممن ما زال يقنع نفسه انه فارس المستقبل ، والرجل القادم للأنقاذ ، او تموت العجوز وقضيتها ، وبهذا يرتاح دون كيشوت ويعلن الانتصار على طواحين الهواء

ويثبت للمرة الاولى في التاريخ ، ان الامة العربية والشعب الفلسطيني وقيادته ، اخترعوا طريقا جديدا للانقاذ وقهر الاعداء .. تتلخص بأعطاء العدو كل شيء، حتى لا يجد سبب للعداء، فيصبح اقرب الاصدقاء ، او يموت الخادم والحصان ، وعندها يمكن لدون كيشوت ان يعلن انه لا يملك وسيلة لقتال الاعداء ، لهذا لا بد من متابعة التفاوض حتى يبعث الله الحصان حيا ،واطمئن انا دون كيشوت لاخلاص الخادم الجديد..

كان مجتمع البغال ، في القمم المختلفة ، والمسميات الرنانة ، يرقب دون كيشوت واي الخيارات المقترحة يحب ، ويمد يده الى كل مكان يربي فيه الاعوان ، ويتحسب من الخادم والحصان ، ،،،،ودون كيشوت ما زال يرى طواحين الهواء عمالقة ويلقي بخطبه العصماء

ولا حول ولا قوة الا بالله

0 comments:

Post a Comment